كتاب كيف نعامل الأطفال؟ لقداسة البابا شنودة الثالث
3- كيف تبدأ مع الطفل؟
إذا قابلت طفلاً لأول مرة، أو رأيته في زيارتك لأسرته، فلا تسرع بحمله على كتفك، أو بمداعبته. فربما يصدك، فيؤثر فيك هذا الصد، فتأخذ منه موقفاً أو تتجاهله، وهكذا تفقد العلاقة معه.
إنما من طبيعة الطفل إن قابل غريباً، أن يفحصه أولاً ويتأمله أو يتفرس فيه، ثم يحدد علاقته به...
إنه يحب أن يطمئن أولاً إلى أن هذا الشخص الجديد لا خطر منه... ونحن نعذره في ذلك، لأنه داخل على عالم جديد عليه وعلاقات جديدة، ومن حقه أن يطمئن أولاً...
ويبنى اطمئنانه على شكل هذا الشخص، وصوته وملامحه وحركاته، ولطفه...
فقد يخاف من شكل معين: إنسان له لحيه مثلاً، إن كان لم ير من قبل شخصاً مُلتحياً.. أو يخاف من شخص جاحظ العينين، أو أعرج... ويخاف من الشخص الغضوب، العالى الصوت، أو الذى له ملامح مقطبة (مكشرة)، أو الذي ينتهر أمامه طفلاً آخر.. فيتحاشى مثل هذا الشخص، ولا يقبل مداعبته مهما حاول ذلك. وقد يهرب منه.
ولكنه يأنس إليك إن رآك مبتسماً ضحوكاً، منفرج الأسارير، طيب القلب...
لذلك إن زرت أسرة، وجلست بين أعضائها، ومنهم طفل أو بعض الأطفال، فاحترس من الأشياء التى تخيفهم منك. واحترم شعورهم وحاول أن تكون لطيفاً أمامهم وإن كان لابد أن تقول كلمة حازمة في إحدى المناسبات، قلها باللفظ وليس بالملامح...
فالطفل قد لا يفهم معانى الألفاظ، ولكنه بالتأكيد يفهم دلاله الملامح...
إذن ابدأ مع الطفل بملامحك المنبسطة التى تريحه، وبهدوئك وبالبعد عن العصبية.
احترس جداً من ملامحك، بحيث لا تكون مزعجة بالنسبة إلى الطفل.
إن الأم التى توبخ طفلها الصغير بقسوة، وقد تهدده في عنف، ربما يصرخ الطفل في خوف ويستغيث... ليس بسبب كلام أمه وتهديدها، فربما لا يفهم هذا الكلام، أو يكون منشغلاً عنه بما هو أخطر... فما هو الشئ الأخطر؟ هو ملامح الأم أثناء غضبها وتهديدها له. قد تخفيه نظراتها وملامحها، فيصرخ... ويرى صورة مزعجة لا يحتملها. وما أسهل أن تترك هذه الصورة عقدة في نفسه، أو تكون سبباً في أحلام مزعجة يراها، أو في رعبه من هذه الأم.