كتاب كيف نعامل الأطفال؟ لقداسة البابا شنودة الثالث
14- التقليد عند الطفل
الطفل في مرحلة الحضانة، وفى المرحلة الابتدائية أيضاً مغرم بالتقليد. فهو يقلد الحركات، حركة اليدين ، وحركة الرأس، بطريقة المشى، بل حركات الملامح أيضاً. وكذلك يقلد طريقة الصوت والألفاظ. يحاول أن يمتص الشخصيات التى أمامه ويحاكيها.
فعلى مدرس التربية الكنسية أن يكون حريصاً، وكذلك أفراد أسرة الطفل، لئلا يقلد منهم شيئاً خاطئاً.
فإن وجدت الأم أن طفلها يلفظ لفظة غربية، أو يأتى بحركة غريبة، فلتعلم أنه لابد قد التقطها من غيره... ولتبحث من هو هذا الغير؟ ربما من الجيران، أو من الضيوف، أو أحد أفراد الأسرة، أو من التلفزيون.
وهنا لابد من المحافظة على سلامة بيئة الطفل بقدر الإمكان.
وقبل أن يترك الطفل البيت حينما يكبر، لكي يختلط بعالم أوسع، علينا أن نغرس فيه مبادئ سليمة، بحيث يرفض تلقائياً ما يراه أو يسمعه مما يجده مضاداً لها.
وإن أخطأ لا نوبخه بكلمة خاطئة، لئلا يلتقط هذه الكلمة ويخاطب بها غيره.
وهنا نجد خطورة الخلافات التى تنشأ بين الزوجين، وما يتبادلانه من ألفاظ وتصرفات خاطئة أمام أطفالهما. فإما أن يلتقط الأطفال هذا الأسلوب ويستخدموه، أو أن تسقط في نظرهم المثاليات الخاصة بالأبوين كمصدر من مصادر التعليم لهم...
أحياناً يتحدث الكبار أمام الصغار، ويظنون أنهم لا يفهمون!!
إن كان الطفل الرضيع لا يفهم ، فإن الطفل الذى بدأ يتكلم، لاشك أن دائرة الفهم عنده تتسع يوماً بعد يوم. وحتى إن كان لا يفهم كل الكلام الذى يسمعه، فإنه يفهم من الملامح ومن حدة الصوت مثلاً، ويستنتج. وقد يقلد ما يسمعه أو ما يراه، حتى بدون فهم.
ليس الفهم مهماً عنده، وإنما المنظر...
الطفل يقلد أمه في كل ما تفعل ... تدخل به إلى الكنيسة، وتقف لتصلى وترشم الصليب، يرشم الصليب مثلها. إن ركعت أمام الهيكل، يركع مثلها تماماً... تسلم على الأب الكاهن وتقبل يده، هكذا يفعل طفلها ويقبل يد الأب الكاهن. إنه يقلد أمه، وكذلك يقلد أباه إن دخل معه.
فإن كان الأبوان متدينين، سيلتقط الطفل تدينهما. من هنا كان الزواج مسئولية، ليس مجرد علاقة بين زوجين .
إنه رسالة تربوية روحية نحو ما ينتجه الزواج من أطفال، سواء من جهة التعليم أو القوة الصالحة. لذلك ينبغى أن يكون المتقدمون إلى الزواج مؤهلين لذلك، مؤهلين روحياً وتربوياً، ومؤهلين من جهة كونهم قدوة لأجيال مقبلة...
كما أن الطفل لا ينسى ما يسمعه، بل كثيراً ما يستعيده ويردده، حتى أمام الضيوف، وأمام باقى أفراد الأسرة. ويقول لمن يقابله "بابا قال كذا... ماما بتقول كذا " (بابا ضرب ماما!!)...
إن الطفل لا يحفظ سراً...
فاحترس من جهة الأسرار التى تُقال أمامه...
أو من جهة الأسرار التى تظن إنه لا يسمعها، لأنه (نائم)... بينما لا يكون نائماً تماماً...