كتاب كيف نعامل الأطفال؟ لقداسة البابا شنودة الثالث
36- كيف تحكي قصص الشهداء؟
فى هذه السن لا تصلح أبداً القصص التي تروى عذابات الشهداء وآلامهم.
لأننا لا نريد أن نخيف الطفل، بما يروى من قصص الجلد والسحل والرجم وتقطيع الأعضاء، وسائر ألوان التعذيب... لئلا يظن أن الذى يسير وراء الله ينتهى إلى مثل هذا المصير، فيخاف... والمفروض فينا أن نبعد عنه التخويف في هذه السن...
ولكن يمكن أن نحكى له شجاعة الشهداء...
وكيف كانوا يقابلون تهديد الولاة بغير خوف... مثل مارجرجس حينما مزق منشور دقلديانوس... أو شجاعتهم في الدفاع عن الإيمان أثناء المحاكمات... أو سيرهم إلى الاستشهاد وهم يرتلون ويسبحون... وكذلك كانوا بنفس الشجاعة في السجون...
كذلك نظرتهم إلى الاستشهاد كلقاء مع المسيح.
وانتقال إلى الفردوس، وإلى عشرة الملائكة والقديسين. وما كان يراه الشهداء من رؤى وظهورات مقدسة تقويهم وتشجعهم، وتشفى جرحهم وتعيدهم سالمين.
وهكذا نحكى أيضاً المعجزات التي كانت تصحب آلامهم.
مثل كأس من السم يقدم إلى مارجرجس، فيرشم عليه بعلامة الصليب، يشربه فلا تؤذيه... أو النار التي أرادوا بها حرق القديس بوليكربوس فلم تضره بشئ. وكذلك كل العذابات التي تعرض لها القديس يوحنا الإنجيلي... وهكذا يدركون قوة الله التى كانت مع الشهداء، تعينهم وتقويهم، إلى أن أكملوا جهادهم، وبقدر احتمالهم، كانت أكاليلهم.
ويمكننا أيضاً أن نحكى معجزات الشهداء بعد انتقالهم.
فى عيد مارجرجس مثلاً، ليس ضرورياً أن تحكى قصة استشهاده وعذاباته، إنما يمكن أن تحكى بعض معجزات مارجرجس ، فيأخذ الطفل فكرة عن قوة الشهداء وشفاعتهم، وإكرام الله لهم... وكذلك في عيد مارمينا، أو الأمير تادرس، أو الشهيد أبانوب، وغيرهم...
وحذار أن تحكى الذبح والسلخ والسيف للأطفال الصغار...
هم لم يصلوا بعد إلى المستوى الذى يمجد الاحتمال وبذل النفس... وحينما يصلون إلى هذا المستوى الروحي، نقص عليهم كم احتمل الشهداء من أجل محبتهم للرب وثباتهم في الإيمان...