كتاب كيف نعامل الأطفال؟ لقداسة البابا شنودة الثالث
26- الطقوس بالنسبة للطفل
ما أجمل كنائسنا بكل ما فيها من اشباع لحواس الطفل... وهذا الإشباع الذى ينتقل إلى روحه أيضاً... أقصد ما فى الكنيسة من أيقونات، صور ملائكة وقديسين، وما فيها من ألحان وموسيقى، وما فيها من بخور. يضاف إلى ذلك الملابس الكهنوتية، تحركات الأب الكاهن والشمامسة. والشموع التى يحملها أثناء قراءة الإنجيل، وحول المذبح... بالإضافة إلى الركوع والسجود. كل هذه الطقوس تشبع نفس الطفل، وتكون مجالاً لتأمله، وتربطه بالكنيسة أيضاً.
لذلك فالطفل الذى يرسم ابصلتس فى صغره، ويتعود المجئ إلى الكنيسة والمشاركة في أسرارها، يكون أكثر عمقاً في روحياته... بل أيضاً كل هذه الطقوس تغرس العقيدة في أعماقه، فلا ينحرف عنها إذا كبر. وبخاصة كلما ينمو في الفهم وفى معرفة ما يتلى في القراءات الكنيسة ... ويفرح الطفل أنه يلبس تونية، ويدخل إلى الهيكل، ويمسك شمعة في يده، ويرد بعض المردات وراء الأب الكاهن، ويتناول من الأسرار المقدسة.
وهنا لا تصبح الطقوس مجرد طقوس، إنما فيها الإيمان والعقيدة والروحيات والممارسة، والمعرفة...
كل هذا يأخذه الطفل في مرحلة التسليم، قبل أن يكبر في السن، ويدخل في مرحلة طغيان العقل وسيطرته على كل شئ ، ومحاولته المناقشة والجدل في كل ما يتلقاه. الطفل الذى تسلم العقيدة والإيمان في مرحلة الطفولة. هذا إذا دخل في مرحلة النضوج الفكرى، يساعده العقل على الفهم، وليس على الشك... لا ننسى أيضاً النعمة التى تعمل فيه من خلال الأسرار الإلهية. أما الذين يقولون: نعمد الطفل حينما يكبر ويؤمن، إنما يحرمونه من شركة الكنيسة في طفولته ولا ندرى حينما يكبر، ماذا سيكون؟ وأية عوائق ضد الإيمان تكون قد دخلت إلى نفسه.